الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
إنما ترك في العنوان العشر وغيره لأنه داخل فيه تغليبا أو تبعا قهستاني (قوله: قرنها) بصيغة المصدر مبتدأ، وقوله: دليل إلخ خبر ط. وحاصله أن القياس ذكر الصوم عقب الصلاة كما فعل قاضي خان لأنه بدني محض مثلها، إلا أن أكثرهم قدموا الزكاة عليه اقتداء بكتاب الله - تعالى نوح ولأنها أفضل العبادات بعد الصلاة قهستاني. قلت: وهو موافق لما في التحرير وشرحه أوائل الفصل الثاني من الباب الأول من أن ترتيبها في الأشرفية بعد الإيمان هكذا: الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصيام، ثم الحج، ثم العمرة والجهاد، والاعتكاف، وتمام الكلام عليه هناك (قوله في اثنين وثمانين موضعا) كذا عزاه في البحر إلى المناقب البزازية، وتبعه في النهر والمنح. قال ح: وصوابه اثنين وثلاثين كما عده شيخنا السيد - رحمه الله تعالى (قوله: قبل فرض رمضان) هذا مما يحسن تقديمها على الصوم ط (قوله: ولا تجب على الأنبياء) لأن الزكاة طهرة لمن عساه أن يتدنس والأنبياء مبرءون منه، وأما قوله تعالى: {وأوصاني بالصلاة والزكاة مادمت حيا} فالمراد بها زكاة النفس من الرذائل التي لا تليق بمقامات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو أوصاني بتبليغ الزكاة وليس المراد زكاة الفطر لأن مقتضى جعل عدم الزكاة من خصوصياتهم أنه لا فرق بين زكاة المال والبدن، كذا أفاده الشبراملسي (قوله الطهارة) هذا أنسب مما في بعض النسخ من إبداله بالنظافة (قوله: والنماء) أي الزيادة، ولها معان أخر: البركة، يقال زكت البقعة: إذا بورك فيها، والمدح يقال: زكى نفسه إذا مدحها، والثناء الجميل يقال: زكى الشاهد إذا أثنى عليه بحر، وكلها توجد في المعنى الشرعي لأنها تطهر مؤديها من الذنوب ومن صفة البخل، والمال بإنفاق بعضه. ولذا كان المدفوع مستقذرا فحرم على آل البيت {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وتنميه بالخلف {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} {ويربي الصدقات} وبها تحصل البركة «لا ينقص مال من صدقة» ويمدح بها الدافع ويثنى عليه بالجميل {والذين هم للزكاة فاعلون} {قد أفلح من تزكى} (قوله وشرعا تمليك إلخ) أي إنها اسم للمعنى المصدري لوصفها بالوجوب الذي هو من صفات الأفعال ولأن موضوع علم الفقه فعل المكلف ونقل القهستاني أنها شرعا القدر الذي يخرجه إلى الفقير. ثم قال: وفي الكرماني أنها في القدر مجاز شرعا فإنها إيتاء ذلك القدر وعليه المحققون كما في المضمرات وهو القابل للعنوان، وبالاشتراك قال الزمخشري وابن الأثير:. ا هـ. وقوله تعالى: {وآتوا الزكاة} ظاهره القدر الواجب، ويحتمل تأويل الإيتاء بإخراج الفعل من العدم إلى الوجود كما في {أقيموا الصلاة}. [تنبيه] هذا التعريف لا يدخل فيه زكاة السوائم لأنه يأخذ العامل ولو جبرا فلم يوجد التمليك من المزكى، إلا أن يقال إن السلطان أو عامله بمنزلة الوكيل عنه في صرفها مصارفها وتمليكها أو عن الفقراء فتأمل. (قوله: خرج الإباحة) فلا تكفي فيها، وأما الكفارة فلم تخرج بقيد التمليك لأن الشرط فيها التمكين وهو صادق بالتمليك، وإن صدق بالإباحة أيضا، نعم تخرج بقوله جزء مال إلخ فافهم (قوله: إلا إذا دفع إليه المطعوم) لأنه بالدفع إليه بنية الزكاة يملكه فيصير آكلا من ملكه، بخلاف ما إذا أطعمه معه، ولا يخفى أنه يشترط كونه فقيرا، ولا حاجة إلى اشتراط فقر أبيه أيضا لأن الكلام في اليتيم ولا أبا له فافهم (قوله كما لو كساه) أي كما يجزئه لو كساه ح (قوله: بشرط أن يعقل القبض) قيد في الدفع والكسوة كليهما ح. وفسره في الفتح وغيره بالذي لا يرمي به، ولا يخدع عنه، فإن لم يكن عاقلا فقبض عنه أبوه أو وصيه أو من يعوله قريبا أو أجنبيا، أو ملتقطه صح كما في البحر والنهر وعبر بالقبض لأن التمليك في التبرعات لا يحصل إلا به فهو جزء من مفهومه فلذا لم يقيد به أولا كما أشار إليه في البحر تأمل (قوله: إلا إذا حكم عليه بنفقتهم) أي نفقة الأيتام، والأولى إفراد الضمير لأن مرجعه في كلامه مفرد أي إلا إذا كان اليتيم ممن تلزمه نفقته وقضى عليه بها أي فلا تجزيه عن الزكاة لأنه استثناء من المستثنى الذي هو إثبات، وهذا إذا كان يحتسب المؤدى إليه من النفقة، أما إذا احتسبه من الزكاة فيجزئه كما في البحر عن الولوالجية، ومثله في التتارخانية عن العيون، فكان على الشارح أن يقول: واحتسبه منها كما أفاده ح. قلت: والظاهر أنه إذا احتسبه من الزكاة تسقط عنه النفقة المفروضة لاكتفاء اليتيم بها لما صرحوا به من أن نفقة الأقارب تجب باعتبار الحاجة، ولذا تسقط بمضي المدة، ولو بعد القضاء لوقوع الاستغناء عما مضى، وهنا كذلك فتأمل. (قوله خلافا للثاني) أي أبي يوسف فعنده يصح. وعبارة البزازية قضى عليه بنفقة ذي رحمه المحرم فكساه وأطعمه ينوي الزكاة صح عند الثاني. ا هـ. زاد في الخانية، وقال محمد: يجوز في الكسوة، ولا يجوز في الإطعام، وقول أبي يوسف في الإطعام خلاف ظاهر الرواية ا هـ. قلت: هذا إذا كان على طريق الإباحة دون التمليك كما يشعر به لفظ الإطعام، ولذا قال في التتارخانية عن المحيط إذا كان يعول يتيما ويجعل ما يكسوه ويطعمه من زكاة ماله، ففي الكسوة لا شك في الجواز لوجود الركن وهو التمليك، وأما الطعام فما يدفعه إليه بيده يجوز أيضا لما قلنا، ما يأكله بلا دفع إليه (قوله فلو أسكن إلخ) عزاه في البحر إلى الكشف الكبير وقال قبله والمال كما صرح به أهل الأصول ما يتمول ويدخر للحاجة، وهو خاص بالأعيان فخرج به تمليك المنافع. ا هـ. (قوله عينه) أي الجزء أو المال، وقول الشارح وهو ربع عشر نصاب صالح لهما فإن ربع العشر معين والنصاب معين أيضا فافهم (قوله وهو ربع عشر نصاب) أي أو ما يقوم مقامه من صدقات السوائم كما أشار إليه في البحر ط (قوله خرج النافلة إلخ) لأنهما غير معينين، أما النافلة فظاهر، وأما الفطرة فلأنها وإن كانت مقدرة بالصاع من نحو تمر أو شعير وبنصفه من نحو بر أو زبيب فليست معينة من المال لوجوبها في الذمة، ولذا لو هلك المال لا تسقط كما سيأتي في بابها، بخلاف الزكاة؛ ولذا تجب من البر وغيره، وإن لم يكن عنده منه شيء، أما ربع العشر في الزكاة فلا يجب إلا على من عنده تسعة أعشار غيره. والحاصل أن الفرق بينهما بالتعيين والتقدير، هذا ما ظهر لي فافهم (قوله: من مسلم إلخ) متعلق بتمليك، واحترز بجميع ما ذكر عن الكافر والغني والهاشمي ومولاه والمراد عند العلم بحالهم كما سيأتي في المصرف ح قال في البحر: ولم يشترط الحرية لأن الدفع إلى غير الحر جائز كما سيأتي في بيان المصرف. مطلب مطلب في أحكام المعتوه (قوله: ولو معتوها) في المغرب: المعتوه الناقص العقل، وقيل المدهوش من غير جنون ا هـ. وفيه التفصيل المار في الصبي كما في التتارخانية، وفي عامة كتب الأصول أن حكمه كالصبي العاقل في كل الأحكام. واستثنى الدبوسي العبادات فتجب عليه احتياطا. ورده أبو اليسر بأنه نوع جنون فيمنع الوجوب. وفي أصول البستي أنه لا يكلف بأدائها كالصبي العاقل إلا أنه إن زال العته توجه عليه الخطاب بالأداء حالا، وبقضاء ما مضى بلا حرج، فقد صرح بأنه يقضي القليل دون الكثير وإن لم يكن مخاطبا فيما قبل كالنائم والمغمى عليه دون الصبي إذا بلغ، وهو أقرب إلى التحقيق، كذا في شرح المغني للهندي إسماعيل ملخصا (قوله أي معتقه) بفتح التاء، والضمير للهاشمي (قوله وهذا) أي ما عرف به المصنف (قوله أي العهود) إشارة إلى ما أجاب به في النهر عن اعتراض الدرر على الكنز بأن قوله تمليك المال يتناول الصدقة النافلة، فزاد قوله: عينه الشارع كما فعل المصنف لإخراجها. وحاصل الجواب أن أل في المال للعهد وهو ما عينه الشارع (قوله مع قطع) متعلق بتمليك، وقوله من كل وجه متعلق بقطع ط (قوله فلا يدفع لأصله) أي وإن علا، وفرعه وإن سفل، وكذا لزوجته وزوجها وعبده ومكاتبه لأنه بالدفع إليهم لم تنقطع المنفعة عن المملك: أي المزكى من كل وجه (قوله لله تعالى) متعلق بتمليك أي لأجل امتثال أمره - تعالى (قوله: بيان لاشتراط النية) فإنها شرط بالإجماع في مقاصد العبادات كلها بحر (قوله عقل وبلوغ) فلا تجب على مجنون وصبي لأنها عبادة محضة وليسا مخاطبين بها، وإيجاب النفقات والغرامات لكونها من حقوق العباد والعشر، وصدقة الفطر لأن فيهما معنى المؤنة. ولا خلاف أنه في المجنون الأصلي يعتبر ابتداء الحول من وقت إفاقته كوقت بلوغه. أما العارضي، فإن استوعب كل الحول فكذلك في ظاهر الرواية وهو قول محمد ورواية عن الثاني وهو الأصح وإن لم يستوعبه لغا وعن الثاني: أنه يعتبر في وجوبها إفاقة أكثر الحول نهر ولم يذكر المعتوه هنا. والظاهر أن فيه هذا التفصيل وأنه لا تجب عليه في حال العته، لما علمت من أن حكمه كالصبي العاقل فلا تلزمه لأنها عبادة محضة كما علمت إلا إذا لم يستوعب الحول لأن الجنون يلغو معه فالعته بالأولى. وأما ما في القهستاني من قوله: فتجب على المعتوه والمغمى عليه ولو استوعب حولا كما في قاضي خان ا هـ. ففيه أني راجعت نسختين من قاضي خان فلم أره ذكر حكم المعتوه وإنما ذكر حكم المجنون والمغمى عليه، ولو وجد فيه ذلك فهو مشكل فتأمل. (قوله وإسلام) فلا زكاة على كافر لعدم خطابه بالفروع سواء كان أصليا أو مرتدا فلو أسلم المرتد لا يخاطب بشيء من العبادات أيام ردته ثم كما شرط للوجوب شرط لبقاء الزكاة عندنا، حتى لو ارتد بعد وجوبها سقط كما في الموت بحر عن المعراج (قوله: وحرية) فلا تجب على عبد، ولو مكاتبا أو مستسعى لأن العبد لا ملك له، والمكاتب ونحوه وإن ملك إلا أن ملكه ليس تاما نهر (قوله والعلم به) أي وبالافتراض ح وإنما لم يذكره المصنف لأنه شرط لكل عبادة. وقد يقال: إنه ذكر الشروط العامة هنا كالإسلام والتكليف فينبغي ذكره أيضا بحر (قوله ولو حكما إلخ) فلو أسلم الحربي ثم مكث سنين وله سوائم ولا علم له بالشرائع لا تجب عليه زكاتها، فلا يخاطب بأدائها إذا خرج إلى دارنا خلافا لزفر بدائع (قوله ملك نصاب) فلا زكاة في سوائم الوقف والخيل المسبلة لعدم الملك، ولا فيما أحرزه العدو بدارهم لأنهم ملكوه بالإحراز عندنا خلافا للشافعي بدائع، ولا فيما دون النصاب. مطلب الفرق بين السبب والشرط والعلة ثم اعلم أن هذا جعله في الكنز شرطا. واعترضه في الدرر بأنه سبب. وأجاب عنه في البحر بأنه أطلق على السبب اسم الشرط لاشتراكهما في أن كلا منهما يضاف إليه الوجود لا على وجه التأثير فخرج العلة، ويتميز السبب عن الشرط بإضافة الوجوب إليه أيضا دون الشرط كما عرف في الأصول ا هـ. أقول: ولا حاجة إلى ذلك، فقد ذكر في البدائع من الشروط الملك المطلق. قال: وهو الملك يدا ورقبة، وقال: إن السبب هو المال لأنها وجبت شكرا لنعمة المال ولذا تضاف إليه، يقال زكاة المال، والإضافة في مثله للسببية كصلاة الظهر وصوم الشهر وحج البيت. ا هـ. وعليه فملك النصاب حيث جعل شرطا كما في عبارة الكنز يكون من إضافة المصدر إلى مفعوله، وحيث جعل سببا كما في عبارة المصنف يكون من إضافة الصفة إلى الموصوف أي النصاب المملوك، وبه علم أنه لا يصح تفسير عبارة الكنز بهذا خلافا لما فعله في النهر لئلا يحتاج إلى الجواب بما مر عن البحر وأنه لا يصح تفسير عبارة المصنف بما فسرنا به عبارة الكنز فافهم (قوله نصاب) هو ما نصبه الشارع علامة على وجوب الزكاة من المقادير المبينة في الأبواب الآتية، وهذا شرط في غير زكاة الزرع والثمار؛ إذ لا يشترط فيها نصاب، ولا حولان حول كما سيأتي في باب العشر (قوله: نسبة للحول) أي الحول القمري لا الشمسي كما سيأتي متنا قبيل زكاة المال (قوله: لحولانه عليه) أي لأن حولان الحول على النصاب شرط لكونه سببا، وهذا علة للنسبة وسمي الحول حولا لأن الأحوال تتحول فيه، أو لأنه يتحول من فصل إلى فصل من فصوله الأربع (قوله: خرج مال المكاتب) أي خرج بالتقييد به لأن المراد بالتام المملوك رقبة ويدا، وملك المكاتب ليس بتام لوجود المنافي ولأنه دائر بينه وبين المولى فإن أدى مال الكتابة سلم له. وإن عجز سلم للمولى؛ فكما لا يجب على المولى فيه شيء فكذا المكاتب كما في الشرنبلالية. قلت: وخرج أيضا نحو المال المفقود والساقط في. ر ومغصوب لا بينة عليه ومدفون في برية فلا زكاة عليه إذا عاد إليه كما سيأتي؛ لأنه وإن كان مملوكا له رقبة لكن لا يدل عليه كما أفاده في البدائع، وخرج به أيضا كما في البحر المشترى للتجارة قبل القبض والآبق المعد للتجارة (قوله أقول إلخ) حاصله أنه لا حاجة إلى قوله: تام، وفيه نظر لأنه في صدد تعريف سبب الوجوب ولا بد في التعريف من كونه جامعا مانعا، فلو أطلق الملك عن قيد التمام لورد عليه ملك المكاتب، وذكر الحرية في بيان الشرط لا يخرج تعريف السبب عن كونه ناقصا فحينئذ لا بد من ذكره تأمل (قوله: على أن إلخ) زيادة ترق في بيان الاستغناء عن قيد التمام: أي ولو فرض أن مال المكاتب لم يخرج باشتراط الحرية وقصد إخراجه وإخراج غيره مما تقدم يخرج بإطلاق الملك لانصرافه إلى الكامل، والملك الكامل هو التام فلا حاجة إلى التصريح به، لكن لا يخفى أن هذه عناية يعتذر بها عند عدم التصريح بالقيد دفعا لاعتراض المعترض، فإن المطلق كثيرا ما يراد منه إطلاقه بل هو الأصل فيه كما في كتب الأصول، فالتصريح بالقيد حيث لم يرد الإطلاق أحسن ولا سيما في مقام التفهيم وتعليم الأحكام الشرعية، وقصد الاحتراز به عن غيره ولذا ذكر في المتون المبنية على الاختصار كالغرر والملتقى وغيرهما. (قوله: ودخل) أي في ملك النصاب المذكور فتح (قوله: ما ملك بسبب خبيث إلخ) أي على قول الإمام لأن خلط دراهمه بدراهم غيره عنده استهلاك، أما على قولهما فلا ضمان فلا يثبت الملك؛ لأنه فرع الضمان فلا يورث عنه لأنه مال مشترك، وإنما يورث حصة الميت منه فتح. وفي القهستاني: ولا زكاة في المغصوب والمملوك شراء فاسدا ا هـ. والمراد بالمغصوب ما لم يخلطه بغيره لعدم الملك. وأما المملوك شراء فاسدا فهو مشكل لأنه قبل قبضه غير مملوك وبعده مملوك ملكا تاما وإن كان مستحق الفسخ فتأمل. وقيد بما إذا كان له غيره إلخ لأنه إذا لم يكن له غيره يكون مشغولا بالدين للمغصوب منه، فلا تلزمه زكاته ما لم يبرئه منه، والمراد بالغير ما تجب فيه الزكاة لما في السراج: لا يصرف الدين لملك آخر لا زكاة فيه، والتقييد بالانفصال غير لازم وسيأتي تمام الكلام على مسألة الغصب في باب زكاة الغنم (قوله فارغ عن دين) بالجر صفة نصاب، وأطلقه فشمل الدين العارض كما يذكره الشارح ويأتي بيانه، وهذا إذا كان الدين في ذمته قبل وجوب الزكاة، فلو لحقه بعده لم تسقط الزكاة لأنها ثبتت في ذمته فلا يسقطها ما لحق من الدين بعد ثبوتها جوهرة (قوله: له مطالب من جهة العباد) أي طلبا واقعا من جهتهم (قوله: سواء كان) أي الدين (قوله كزكاة) فلو كان له نصاب حال عليه حولان ولم يزكه فيهما لا زكاة عليه في الحول الثاني، وكذا لو استهلك النصاب بعد الحول ثم استفاد نصابا آخر وحال عليه الحول لا زكاة في المستفاد لاشتغال خمسة منه بدين المستهلك؛ أما لو هلك يزكي المستفاد لسقوط زكاة الأول بالهلاك بحر، والمطالب هنا السلطان تقديرا لأن الطلب له في زكاة السوائم وكذا في غيرها، لكن لما كثرت الأموال في زمن عثمان رضي الله عنه وعلم أن في تتبعها ضررا بأصحابها رأى المصلحة في تفويض الأداء إليهم بإجماع الصحابة فصار أرباب الأموال كالوكلاء عن الإمام، ولم يبطل حقه عن الأخذ، ولذا قال أصحابنا: لو علم من أهل بلدة أنهم لا يؤدون زكاة الأموال الباطنة فإنه يطالبهم وإلا فلا لمخالفته الإجماع بدائع. تنبيه] ما وقع في صدر الشريعة من أن دين الزكاة لا يمنع سهو كما نبه عليه ابن كمال وغيره (قوله وخراج) في البدائع: وقالوا دين الخراج يمنع وجوب الزكاة لأنه يطالب به، وكذا إذا صار العشر دينا في الذمة بأن أتلف الطعام العشري صاحبه، فأما وجوب العشر فلا يمنع لأنه متعلق بالطعام وهو ليس من مال التجارة بحر (قوله: أو للعبد) معطوف على قوله: لله تعالى (قوله: ولو كفالة) مبالغة في دين العبد. قال في المحيط: لو استقرض ألفا فكفل عنه عشرة ولكل ألف في بيته وحال الحول فلا زكاة على واحد منهم لشغله بدين الكفالة لأن له أن يأخذ من أيهم شاء بحر. قال في الشرنبلالية: وهذا الفرع ظاهر على القول بأن الكفالة ضم ذمة إلى ذمة في الدين، أما على الصحيح من أنها في المطالبة فقط ففيه تأمل. ا هـ. قلت: لا شك أيضا على القول بأنها في المطالبة يكون لرب المال أخذ الدين من الكفيل وحبسه إذا امتنع فيكون الكفيل محتاجا إلى ما في يده لقضاء ذلك الدين وإن لم يكن في ذمته دفعا للملازمة أو الحبس عنه، وقد عللوا سقوط الزكاة بالدين بأن المديون محتاج إلى هذا المال حاجة أصلية لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية والمال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون مال الزكاة تأمل (قوله أو مؤجلا إلخ) عزاه في المعراج إلى شرح الطحاوي، وقال: وعن أبي حنيفة لا يمنع. وقال الصدر الشهيد: لا رواية فيه، ولكل من المنع وعدمه وجه. زاد القهستاني عن الجواهر: والصحيح أنه غير مانع (قوله ونفقة) بالنصب عطفا على كفالة بتقدير مضاف فيهما أي دين كفالة ودين نفقة ط (قوله: لزمته بقضاء أو رضا) أي بقضاء القاضي بها أو تراضيهما على قدر معين لأنها بدون ذلك تسقط بمضي المدة، وإنما تصير دينا بأحدهما لكن في نفقة الزوجة مطلقا، أما في نفقة الأقارب فلا تصير دينا إلا إذا كانت المدة قصيرة دون شهر أو استدان القريب النفقة بإذن القاضي كما سيأتي إن شاء الله - تعالى - في بابها (قوله بخلاف دين نذر) كما إذا كان له مائتا درهم ونذر أن يتصدق بمائة منها فإذا حال الحول عليها تلزمه زكاتها ويسقط النذر بقدر درهمين ونصف لأنه استحق بجهة الزكاة فيبطل النذر فيه ويتصدق بباقي المائة، ولو تصدق بكلها للنذر وقع عن الزكاة درهمان ونصف لتعيينه بتعيين الله - تعالى، فلا يبطله تعيينه، ولو نذر مائة مطلقة فتصدق بمائة منها للنذر يقع درهمان ونصف للزكاة ويتصدق بمثلها للنذر كما في المعراج عن الجامع (قوله: وكفارة) أي بأنواعها ح، وكذا لا يمنع دين صدقة الفطر، وهدي المتعة، والأضحية بحر. مطلب مطلب في زكاة ثمن المبيع وفاء [تتمة] قالوا: ثمن المبيع وفاء إن بقي حولا فزكاته على البائع لأنه ملكه. وقال بعض المشايخ: على المشتري لأنه يعده مالا موضوعا عند البائع فيؤاخذ بما عنده بدائع. وذكر في الذخيرة أن زكاته عليهما للتعليلين المذكورين قال: وليس هذا إيجاب الزكاة على شخصين في مال واحد لأن الدراهم لا تتعين في العقود والفسوخ، وهكذا ذكر فخر الدين البزدوي هذه المسألة أيضا في شرح الجامع ا هـ. ومثله في البزازية. قلت: ينبغي لزومها على المشتري فقط على القول الذي عليه العمل الآن أن بيع الوفاء منزل منزلة الرهن وعليه فيكون الثمن دينا على البائع تأمل (قوله ولا يمنع الدين وجوب عشر وخراج) برفع الدين ونصب وجوب والكلام في موانع الزكاة، لكن لما كان كل من العشر والخراج زكاة الزروع والثمار قد يتوهم أن الدين يمنع وجوبهما نبه على دفعه وذكر الكفارة استطرادا فافهم (قوله لأنهما مؤنة الأرض النامية) حتى يجب في الأرض الموقوفة وأرض المكاتب بدائع (قوله: وكفارة) أي إن الدين لا يمنع وجوب التكفير بالمال على الأصح بحر عن الكشف الكبير. قلت: لكن قال صاحب البحر في شرحه على المنار والأشباه والنظائر: إنه صحح في التقدير منع وجوبها بالمال مع الدين كالزكاة ا هـ. ويوافقه ما سيأتي في زكاة الغنم من قصة أمير بلخ (قوله: وفارغ عن حاجته الأصلية) أشار إلى أنه معطوف على قوله عن دين (قوله وفسره ابن ملك) أي فسر المشغول بالحاجة الأصلية والأولى فسرها، وذلك حيث قال: وهي ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد أو تقديرا كالدين، فإن المديون محتاج إلى قضائه بما في يده من النصاب دفعا عن نفسه الحبس الذي هو كالهلاك وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهلها فإن الجهل عندهم كالهلاك، فإذا كان له دراهم مستحقة بصرفها إلى تلك الحوائج صارت كالمعدومة، كما أن الماء المستحق بصرفه إلى العطش كان كالمعدوم وجاز عنده التيمم. ا هـ. وظاهر قوله فإذا كان له دراهم إلخ أن المراد من قوله: وفارغ عن حاجته الأصلية ما كان نصابا من النقدين أو أحدهما فارغا عن الصرف إلى تلك الحوائج، لكن كلام الهداية مشعر بأن المراد به نفس الحوائج، فإنه قال: وليس في دور السكنى وثياب البدن وأثاث المنازل ودواب الركوب وعبيد الخدمة وسلاح الاستعمال زكاة؛ لأنها مشغولة بحاجته الأصلية وليست بنامية. ا هـ. وبه يشعر كلام المصنف الآتي أيضا. وأشار كلام الهداية إلى أنه لا يضر كونها غير نامية أيضا؛ إذ لا مانع من خروجها مرتين كما خرج الدين ثانيا بقوله: فارغ عن حوائجه الأصلية، وخصه بالذكر كما قال القهستاني لما فيه من التفصيل. قلت: على أنه لا يعترض بالقيد اللاحق على السابق الأخص، فإن الحوائج الأصلية أعم من الدين والنامي أعم منها لأنه يخرج به كتب العلم لغير أهلها، وليس من الحوائج الأصلية، لكن قد يقال: المتون موضوعة للاختصار فما فائدة إخراج الحوائج مرتين، نعم تظهر الفائدة في ذكر القيدين على ما قرره ابن ملك من أن المراد بالأول النصاب من أحد النقدين المستحق الصرف إليها، فيكون التقييد بالنماء احترازا عن أعيانها، والتقييد بالحوائج الأصلية احترازا عن أثمانها، فإذا كان معه دراهم أمسكها بنية صرفها إلى حاجته الأصلية لا تجب الزكاة فيها إذا حال الحول، وهي عنده، لكن اعترضه في البحر بقوله: ويخالفه ما في المعراج في فصل زكاة العروض أن الزكاة تجب في النقد كيفما أمسكه للنماء أو للنفقة، وكذا في البدائع في بحث النماء التقديري. ا هـ. قلت: وأقره في النهر والشرنبلالية وشرح المقدسي، وسيصرح به الشارح أيضا، ونحوه قوله في السراج سواء أمسكه للتجارة أو غيرها، وكذا قوله في التتارخانية نوى التجارة أولا، لكن حيث كان ما قاله ابن ملك موافقا لظاهر عبارات المتون كما علمت، وقال ح إنه الحق فالأولى التوفيق بحمل ما في البدائع وغيرها، على ما إذا أمسكه لينفق منه كل ما يحتاجه فحال الحول، وقد بقي معه منه نصاب فإنه يزكي ذلك الباقي، وإن كان قصده الإنفاق منه أيضا في المستقبل لعدم استحقاق صرفه إلى حوائجه الأصلية وقت حولان الحول، بخلاف ما إذا حال الحول وهو مستحق الصرف إليها، لكن يحتاج إلى الفرق بين هذا، وبين ما حال الحول عليه، وهو محتاج منه إلى أداء دين كفارة أو نذر أو حج، فإنه محتاج إليها أيضا لبراءة ذمته وكذا ما سيأتي في الحج من أنه لو كان له مال، ويخاف العزوبة يلزمه الحج به إذا خرج أهل بلده قبل أن يتزوج، وكذا لو كان يحتاجه لشراء دار أو عبد فليتأمل، والله أعلم (قوله نام ولو تقديرا) النماء في اللغة بالمد: الزيادة، والقصر بالهمز خطأ، يقال: نما المال ينمي نماء وينمو نموا وأنماه الله - تعالى - كذا في المغرب. وفي الشرع: هو نوعان: حقيقي وتقديري؛ فالحقيقي الزيادة بالتوالد والتناسل والتجارات، والتقديري تمكنه من الزيادة بكون المال في يده أو يد نائبه بحر (قوله الاستنماء) أي طلب النمو (قوله فلا زكاة على مكاتب) أي ولا على سيده، كما في الشرنبلالية عن الجوهرة، فلو قال فلا زكاة في كسب مكاتب لكان أولى ح (قوله لعدم الملك التام) أي لعدم اليد في حق السيد وعدم ملك الرقبة في حق المكاتب، ثم رجع المال للمولى بالتعجيز أو للمكاتب بأداء بدل الكتابة لا يزكى عن السنين الماضية بل يستأنف حولا جديدا. ا هـ. ح وكان الأولى بالشارح تأخير التعليل إلى آخر المسائل الثلاث التي ذكرها فإنه علة له أيضا؛ لأن المفقود فيها إما عدم اليد أو عدم ملك الرقبة وقد مر أن المراد بالملك التام المملوك رقبة ويدا (قوله: ولا في كسب مأذون) أي لا عليه، ولا على سيده ما دام في يده، أما إذا أخذه السيد، فإنه يزكيه لما مضى من السنين على الصحيح، وقيل: يلزمه الأداء قبل الأخذ، وهذا إذا لم يكن على المأذون دين مستغرق، فإن كان لا يلزم السيد الأداء لما مضى لا قبل الأخذ، ولا بعده كذا في البحر. وكان على الشارح أن يقول: ولا في كسب مأذون قبل قبضه كما قال في المشترى لتجارة، بل ربما يتوهم من كلامه أن قوله بعد قبضه المذكور في مسألة الرهن ظرف لمسألة المأذون أيضا ح (قوله: ولا في مرهون) أي لا على المرتهن لعدم ملك الرقبة ولا على الراهن لعدم اليد، وإذا استرده الراهن لا يزكي عن السنين الماضية، وهو معنى قول الشارح بعد قبضه، ويدل عليه قول البحر ومن موانع الوجوب الرهن ح وظاهره ولو كان الرهن أزيد من الدين ط. قلت: لكن أرجع شيخ مشايخنا السائحاني الضمير في قول الشارح بعد قبضه إلى المرتهن كما رأيته بخطه في هامش نسخته، ويؤيده أن عبارة البحر هكذا: ومن موانع الوجوب الرهن إذا كان في يد المرتهن لعدم ملك اليد ا هـ. وليس فيها ما يدل على أنه لا يزكيه بعد الاسترداد، لكن قال في الخانية: السائمة إذا غصبها ومنعها عن المالك وهو مقر ثم ردها عليه لا زكاة على المالك فيما مضى، وكذا لو رهنها بألف وله مائة ألف فحال الحول على الرهن في يد المرتهن يزكي الراهن ما عنده من المال إلا ألف الدين، ولا زكاة في غنم الرهن لأنها كانت مضمونة بالدين فرق بين الدراهم المغصوبة والسائمة فإنه يزكي الدراهم إذا قبضها دون السائمة ولو الغاصب مقرا. ا هـ. وظاهره أنه لا فرق بين السائمة والدراهم فليتأمل (قوله قبل قبضه) أما بعده فيزكيه عما مضى كما فهمه في البحر من عبارة المحيط فراجعه، لكن في الخانية: رجل له سائمة اشتراها رجل للسيامة ولم يقبضها حتى حال الحول ثم قبضها لا زكاة على المشتري فيما مضى لأنها كانت مضمونة على البائع بالثمن. ا هـ. ومقتضى التعليل عدم الفرق بين ما اشتراها للسيامة أو للتجارة فتأمل. (قوله ومديون للعبد) الأولى ومديون بدين يطالبه به العبد ليشمل دين الزكاة والخراج لأنه لله - تعالى - مع أنه يمنع لأن له مطالبا من جهة العباد كما مر ط (قوله بقدر دينه) متعلق بقوله فلا زكاة (قوله وعروض الدين) أي المستغرق في أثناء الحول ومثله المنقص للنصاب ولم يتم آخر الحول، وأما الحادث بعد الحول فلا يعتبر اتفاقا ط (قوله ورجحه في البحر) وعبارته: وعند أبي يوسف لا يمنع بمنزلة نقصانه، وتقديمهم قول محمد يشعر بترجيحه، وهو كذلك كما لا يخفى. وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا أبرأه؛ فعند محمد يستأنف حولا جديدا لا عند أبي يوسف كما في المحيط. ا هـ. أقول: إن كان مجرد التقديم يقتضي الترجيح فقد قدم في الجوهرة قول أبي يوسف، وأشار في المجمع إلى أنه قول أبي حنيفة أيضا، وأخر في شرحه دليلهما عن دليل محمد فاقتضى ترجيح قولهما لأن الدليل المتأخر يتضمن الجواب عن المتقدم، بل ما عزاه إلى محمد عزاه في البدائع وغيرها إلى زفر. وفي البحر في آخر باب زكاة المال عن المجتبى: الدين في خلال الحول لا يقطع حكم الحول وإن كان مستغرقا. وقال زفر: يقطع. ا هـ. وجزم به الشارح هناك قبيل قول المصنف وقيمة العرض تضم إلى الثمنين، فقد ظهر لك ما في ترجيح البحر فتدبر. نعم ما في البحر أوجه لأن الدين مانع من ابتداء الحول فيمنع من بقائه بالأولى لأن البقاء أسهل تأمل، ولعل القول بعدم المنع مبني على ما إذا كان النصاب تاما في آخر الحول أيضا، بأن ملك ما يفي الدين من غير النصاب تأمل (قوله: ولو له نصب إلخ) كأن يكون عنده دراهم ودنانير وعروض التجارة وسوائم يصرف الدين إلى الدراهم والدنانير ثم إلى العروض ثم إلى السوائم كما في البحر ح (قوله: ولو أجناسا) أي ولو كانت السوائم التي عنده أجناسا، بأن كان له أربعون من الغنم وثلاثون من البقر وخمس من الإبل صرف الدين إلى الغنم أو الإبل دون البقر لأن التبيع فوق الشاة بحر ثم قال: هكذا أطلقوا، وقيده في المبسوط بأن يحضر الساعي، وإلا فالخيار لرب المال إن شاء صرف الدين إلى السائمة وأدى الزكاة من الدراهم، وإن شاء عكس لأنهما في حقه سواء. ا هـ. (قوله خير) لأن الواجب في كل منهما شاة واحدة. قال في البحر: وقيل يصرف إلى الغنم لتجب الزكاة في الإبل في العام القابل ا هـ. أي لأنه إذا دفع من الغنم واحدة يبقى تسعة وثلاثون لا تجب زكاتها في القابل. [تتمة] بقي ما إذا كان للمديون مال الزكاة وغيره من عبيد الخدمة وثياب البذلة ودور السكنى، فيصرف الدين أولا إلى مال الزكاة لا إلى غيره، ولو من جنس الدين خلافا لزفر، حتى لو تزوج على خادم بغير عينه وله مائتا درهم وخادم صرف دين المهر إلى المائتين دون الخادم عندنا لأن غير مال الزكاة يستحق للحوائج، ومال الزكاة فاضل عنها فكان الصرف إليه أيسر وأنظر بأرباب الأموال، ولهذا لا يصرف إلى ثياب البذلة وقوته، ولو من جنس الدين، قال محمد في الأصل: أرأيت لو تصدق عليه ألم يكن موضعا للصدقة؟ ومعناه أن مال الزكاة مشغول بالدين فالتحق بالعدم وملك الدار والخادم لا يحرم عليه أخذ الصدقة فكان فقيرا ولا زكاة على الفقير، وأما إذا لم يكن له مال زكاة يصرف الدين إلى عروض البذلة ثم إلى العقار لأن الملك مما يستحدث في العروض ساعة فساعة، أما العقار فبخلافها غالبا بدائع. أقول: والظاهر أن قوله يصرف الدين إلى عروض البذلة إلخ كلام استطرادي مفروض فيما إذا أراد القاضي بيع ماله عليه في قضاء دينه كما صرحوا به في الحجر لا في مسألة الزكاة؛ إذ الفرض أنه ليس له مال زكاة فأي شيء يزكيه. ولو كان له مال زكاة فقد صرح قبله بأن الدين يصرف إلى مال الزكاة دون غيره، وعليه فلو استقرض مائتي درهم وحال عليها الحول عنده، وليس له إلا ثياب البذلة ونحوها مما ليس مال زكاة لا زكاة عليه، ولو كانت الثياب تفي بالدين لأن الدين الذي عليه يصرف إلى الدراهم التي عنده دون الثياب، وقد صرح في السراج أيضا بأنه لا يصرف الدين لملك آخر لا زكاة فيه وفي الزيلعي أيضا: ولا يتحقق الغنى بالمال المستقرض ما لم يقض (قوله: المحتاج إليها إلخ) إنما قيد ابن ملك بذلك لأنه أراد بيان الحوائج الأصلية كما قدمناه عنه. أما كلام المصنف هنا فلا حاجة إلى تقييده بذلك، وكأن الشارح أراد أن قوله: ولا في ثياب البدن محترز قوله عن حاجته الأصلية لتقدمه، فقيد بذلك وجعل المحتاج إليها من محترزات القيد الذي تعده وهو قوله نام، ولو تقديرا مراعاة لترتيب القيود تأمل (قوله وأثاث المنزل إلخ) محترز قوله نام ولو تقديرا، وقوله ونحوها: أي كثياب البدن الغير المحتاج إليها وكالحوانيت والعقارات (قوله وإن لم تكن لأهلها) أشار إلى أن تقييد الهداية بقوله لأهلها غير معتبر المفهوم هنا، لكن قد يقال: أراد إخراجها بقوله: وعن حاجته الأصلية، وجعل التي لغير أهلها خارجة بقوله: نام كما قررناه في ثياب البذلة، والمراد بأهلها من يحتاج إليها لتدريس وحفظ وتصحيح كما يعلم مما يأتي عن الفتح (قوله: غير أن الأهل إلخ) استدراك على التعميم المأخوذ من قوله: وإن لم تكن لأهلها: أي أن الكتب لا زكاة فيها على الأهل وغيرهم من أي علم كانت لكونها غير نامية، وإنما الفرق بين الأهل وغيرهم في جواز أخذ الزكاة والمنع عنه، فمن كان من أهلها إذا كان محتاجا إليها للتدريس والحفظ والتصحيح فإنه لا يخرج بها عن الفقر، فله أخذ الزكاة إن كانت فقها أو حديثا أو تفسيرا ولم يفضل عن حاجته نسخ تساوي نصابا، كأن يكون عنده من كل تصنيف نسختان، وقيل ثلاث لأن النسختين يحتاج إليهما لتصحيح كل من الأخرى والمختار الأول: أي كون الزائد على الواحدة فاضلا عن الحاجة، وأما غير الأهل فإنهم يحرمون بالكتب من أخذ الزكاة لتعلق الحرمان بملك قدر نصاب غير محتاج إليه، وإن لم يكن ناميا. وأما كتب الطب والنحو والنجوم فمعتبرة في المنع مطلقا ونص في الخلاصة على أن كتب الأدب والمصحف الواحد ككتب الفقه، لكن اضطرب كلامه في كتب الأدب فصرح في باب صدقة الفطر بأنها كالتعبير والطب والنجوم. والذي يقتضيه النظر أن نسخة من النحو أو نسختين على الخلاف لا تعتبر من النصاب، وكذا من أصول الفقه، والكلام غير المخلوط بالآراء بل مقصور على تحقيق الحق من مذهب أهل السنة إلا أن لا يوجد غير المخلوط لأن هذه من الحوائج الأصلية أفاده في فتح القدير. قلت: والذي يقتضيه النظر أيضا أنه إن أريد بالأدب الظرافة كما في القاموس وذلك ككتب الشعر والعروض والتاريخ ونحوه تمنع الأخذ، وإن أريد به آداب النفس كما في المغرب وهو المسمى بعلم الأخلاق كالإحياء للغزالي ونحوه فهو كالفقه لا يمنع، وإن كتب الطب لطبيب يحتاج إلى مطالعتها ومراجعتها لا تمنع لأنها من الحوائج الأصلية كآلات المحترفين، وإن الأهل إذا كان غير محتاج إليها فهو كغير الأهل كما يعلم مما مر، وكذا حافظ قرآن له مصحف لا يحتاجه لأن المناط هو الحاجة (قوله أو تزيد على نسختين) صوابه على نسخة لأن المختار هو كون الزائد على نسخة واحدة فاضلا عن الحاجة كما قدمناه عن الفتح: ومثله في النهر (قوله: وكذلك آلات المحترفين) أي سواء كانت مما لا تستهلك عينه في الانتفاع كالقدوم والمبرد أو تستهلك، لكن هذا منه ما لا يبقى أثر عينه، كصابون وجرض الغسال، ومنه ما يبقى كعصفر وزعفران لصباغ ودهن وعفص لدباغ فلا زكاة في الأولين لأن ما يأخذه من الأجرة بمقابلة العمل. وفي الأخير الزكاة إذا حال عليه الحول لأن المأخوذ بمقابلة العين كما في الفتح. قال: وقوارير العطارين، ولحم الخيل والحمير المشتراة للتجارة ومقاودها وجلالها إن كان من غرض المشتري بيعها بها ففيها الزكاة، وإلا فلا (قوله: كالعصفر) الأولى كالعفص كما في بعض النسخ لأنه المناسب لقوله لدبغ الجلد (قوله: وإن حال الحول) أي ولم ينو بها التجارة بل أمسكه لحرفته (قوله فتباع له) أي يجبره القاضي على بيعها لقضاء الدين، وإن أبى باعها عليه (قوله: ولا في مال مفقود إلخ) شروع في مسألة مال الضمار كما يأتي (قوله بعدها) أي بعد سنين (قوله: فلو له بينة تجب لما مضى) أي تجب الزكاة بعد قبضه من الغاصب لما مضى من السنين قال ح: وينبغي أن يجري هنا ما يأتي مصححا عن محمد من أنه لا زكاة فيه لأن البينة قد لا تقبل فيه. ا هـ. قال ط: والظاهر على القول بالوجوب أن حكمه حكم الدين القوي ا هـ. أي فتجب عند قبض أربعين درهما (قوله فلا تجب) لعدم تحقق الإسامة ط (قوله عند غير معارفه) أي عند الأجانب، فلو عند معارفه تجب الزكاة لتفريطه بالنسيان في غير محله بحر (قوله في حرز) كداره أو دار غيره بحر، وقيل إذا كانت الدار عظيمة فلها حكم الصحراء إسماعيل عن البرجندي (قوله: واختلف في المدفون إلخ) فقيل بالوجوب لإمكان الوصول، وقيل لا لأنها غير حرز بحر (قوله: ولا بينة له عليه) هذا على أحد القولين المصححين كما يأتي. (قوله ثم صارت) أي البينة (قوله بعدها) أي السنين (قوله: وقيده إلخ) أي قيد عدم الوجوب في المجحود عند عدم البينة بما إذا حلفه عند القاضي فحلف، أما قبله لاحتمال نكوله، وهذا نقله في غرر الأذكار بلفظ وعن أبي يوسف؛ ثم لا يخفى أنه على التصحيح الآتي منعدم الوجوب، ولو مع البينة يقتضي أن لا تجب قبل التحليف بالأولى كما أفاده ط: عن أبي السعود (قوله وما أخذ مصادرة) المصادرة أن يأمره بأن يأتي بالمال والغصب أخذ المال مباشرة على وجه القهر فلا يتكرر هذا مع قوله: ومغصوب لا بينة عليه أفاده ح (قوله ثم وصل إليه) أي المال في جميع هذه الصور (قوله لعدم النمو) علة لقوله ولا في مال مفقود إلخ أفاد به أنه من محترزات قوله نام، ولو تقديرا لأنه غير متمكن من الزيادة لعدم كونه في يده أو يد نائبه (قوله: حديث علي) كذا عزاه في الهداية إلى علي وليس بمعروف، وإنما ذكره سبط ابن الجوزي في آثار الإنصاف عن عثمان وابن عمر، كذا في شرح النقاية لمنلا على القارئ (قوله لا زكاة في مال الضمار) الضمار بالضاد المعجمة بوزن حمار. قال في البحر: وهو في اللغة الغائب الذي لا يرجى، فإذا رجي ليس بضمار، وأصله الإضمار، وهو التغييب والإخفاء، ومنه أضمر في قلبه شيئا (قوله مليء) فعيل بمعنى فاعل وهو الغني ط. وفي المحيط عن المنتقى عن محمد: لو كان له دين على وال وهو مقر به إلا أنه لا يعطيه وقد طالبه بباب الخليفة فلم يعطه فلا زكاة فيه، ولو هرب غريمه وهو يقدر على طلبه أو التوكيل بذلك فعليه الزكاة وإن لم يقدر على ذلك فلا زكاة عليه. ا هـ. (قوله أو على معسر) الأصوب إسقاط على لأنه عطف على مليء نعت لمقر أيضا لا مقابل له، لأنه لو كان غير مقر فهو المسألة المتقدمة. والأخصر قول الدرر على مقر ولو معسرا (قوله أي محكوم بإفلاسه) أفاد أن قوله مفلس مشدد اللام، وقيد به لأنه محل الخلاف لأن الحكم به لا يصح عند أبي حنيفة فكان وجوده كعدمه فهو معسر ومر حكمه، ولو لم يفلسه القاضي وجبت الزكاة بالاتفاق كما في العناية وغيرها لأن المال غاد ورائح (قوله: وعن محمد لا زكاة) أي وإن كان له بينة بحر (قوله: وهو الصحيح) صححه في التحفة كما في غاية البيان وصححه في الخانية أيضا وعزاه إلى السرخسي بحر. وفي باب المصرف من النهر عن عقد الفرائد: ينبغي أن يعول عليه. قلت: ونقل الباقاني تصحيح الوجوب عن الكافي قال: وهو المعتمد، وإليه مال فخر الإسلام ا هـ. ولذا جزم به في الهداية والغرر والملتقى وتبعهم المصنف. والحاصل أن فيه اختلاف التصحيح ويأتي تمامه في باب المصرف (قوله: لأن البينة إلخ) ولأن القاضي قد لا يعدل، وقد لا يظفر بالخصومة بين يديه لمانع فيكون: أي الدين في حكم الهالك بحر (قوله سيجيء) أي في كتاب القضاء ط (قوله: عدم القضاء) أي عدم صحة قضاء القاضي اعتمادا على علمه، فلو علم بالمجحود وقضى به لم يصح، ولا يجب أن يزكي لما مضى (قوله فوصل إلى ملكه) أقول: من ذلك ما في المحيط له ألف على معسر فاشترى منه بالألف دينارا ثم وهب منه الدينار فعليه زكاة الألف لأنه صار قابضا لها بالدينار. ا هـ. ومنه ما في الولوالجية: وهب دينه من رجل ووكله بقبضه فوجبت فيه الزكاة ثم قبضه الموهوب له فالزكاة على الواهب لأن القابض وكيل عنه بالقبض له أولا. وأقول أيضا: الوصول إلى ملكه غير قيد لأنه لو أبرأ مديونه الموسر تلزمه الزكاة لأنه استهلاك كما ذكره عند تفصيل الدين قبيل باب العاشر وسيأتي الكلام فيه (قوله وسنفصل الدين) أي إلى قوي ووسط وضعيف والأخير لا يزكيه لما مضى أصلا، وفي الأولين تفصيل سيأتي، ففيه إشارة إلى أن ما هنا ليس على إطلاقه (قوله: وسبب إلخ) هذا هو السبب الحقيقي؛ وما تقدم من قوله وسببه ملك نصاب إلخ هو السبب الظاهري كالزوال للظهر ط (قوله: توجه الخطاب) أي الخطاب المتوجه إلى المكلفين بالأمر بالأداء ط (قوله: وشرطه إلخ) ما تقدم في قول المصنف وشرط افتراضها عقل إلخ شروط في رب المال، وما هنا شروط في نفس المال المزكى ط (قوله: وهو في ملكه) أي والحال أن نصاب المال في ملكه التام كما مر، والشرط تمام النصاب في طرفي الحول كما سيأتي، وقدمنا أن الحول لا يشترط في زكاة الزروع والثمار (قوله: ولو للنفقة) تقدم الكلام في ذلك فلا تغفل (قوله بقيدها الآتي) هو الاكتفاء بالرعي في أكثر السنة بقصد الدر والنسل، وأنت الضمير إشارة إلى أن المراد بالسوم الإسامة؛ إذ لا بد فيه من نيتها لأن السائمة تصلح لغير الدر والنسل كالحمل والركوب، ولا تعتبر هذه النية ما لم تتصل بفعل الإسامة كما في البحر (قوله كما سيجيء) أي في آخر هذا الباب ويأتي بيانه (قوله أو يؤاجر داره إلخ) قال في البحر: لكن ذكر في البدائع الاختلاف في بدل منافع عين معدة للتجارة. ففي كتاب زكاة الأصل أنه للتجارة بلا نية. وفي الجامع ما يدل على التوقف على النية وصحح مشايخ بلخ رواية الجامع لأن العين وإن كانت للتجارة لكن قد يقصد ببدل منافعها المنفعة؛ فتؤجر الدابة لينفق عليها، والدار للعمارة فلا تصير للتجارة مع التردد إلا بالنية. ا هـ. وقيد بقوله التي للتجارة؛ إذ لو كانت للسكنى مثلا لا يصير بدلها للتجارة بدون النية، فإذا نوى يصح، ويكون من قسم الصريح. (قوله: واستثنوا إلخ) ذكر في النهر أنه ينبغي جعله من النية دلالة فلا حاجة إلى الاستثناء (قوله: مطلقا) أي وإن لم ينوها أو نوى الشراء للنفقة، حتى لو اشترى عبيدا بمال المضاربة ثم اشترى لهم كسوة وطعاما للنفقة كان الكل للتجارة، وتجب الزكاة في الكل بدائع (قوله: لأنه لا يملك بمالها غيرها) أي بمال التجارة غير التجارة بخلاف المالك إذا اشترى لهم طعاما وثيابا للنفقة لا يكون للتجارة لأنه يملك الشراء لغير التجارة بدائع (قوله: ولا تصح نية التجارة إلخ) لأنها لا تصح إلا عند عقد التجارة، فلا تصح فيما ملكه بغير عقد كإرث ونحوه كما سيأتي ومثله الخارج من أرضه، لأن الملك يثبت فيه بالنبات، ولا اختيار له فيه، ولذا قال في البحر: وخرج أي بقيد العقد ما إذا دخل من أرضه حنطة تبلغ قيمتها نصابا، ونوى أن يمسكها ويبيعها فأمسكها حولا لا تجب فيها الذكاة كما في الميراث وكذا لو اشترى بذر التجارة وزرعها في أرض عشر استأجرها كان فيها العشر لا غير كما لو اشترى أرض خراج أو عشر للتجارة لم يكن عليه زكاة التجارة إنما عليه حق الأرض من العشر أو الخراج (قوله أو المستأجر أو المستعارة) يعني وكانت الأرض عشرية، فإن العشر على المستعير اتفاقا وعلى المستأجر على قولهما المأخوذ به. وأما إذا كانتا خراجيتين فإن الخراج على رب الأرض، فإذا نوى المستعير أو المستأجر في الخارج منهما التجارة يصح لعدم اجتماع الحقين أفاده ح. قلت: يتعين فرض المسألة فيما إذا اشترى بذرا للتجارة وزرعه ليصح التعليل بعدم اجتماع الحقين، أما لو نوى التجارة فيما خرج من أرضه، فقد علمت أنها لا تصح بعدم العقد فلم يصر الخارج مال تجارة فلا زكاة فيه فافهم (قوله: لئلا يجتمع الحقان) علمت ما فيه (قوله: وشرط صحة أدائها إلخ) قد علم اشتراط النية من قوله أولا لله تعالى، لكن ذكرت هنا لبيان تفاصيلها أفاده في البحر (قوله نية) أشار إلى أنه لا اعتبار للتسمية؛ فلو سماها هبة أو قرضا تجزيه في الأصح، وإلى أنه لو نوى الزكاة والتطوع وقع عنها عند الثاني لأن نية الفرض أقوى وعند الثالث يقع عنه، وإلى أنه ليس للفقير أخذها بلا علمه إلا إذا لم يكن في قرابته أو قبيلته أحوج منه فيضمن حكما لا ديانة، وإلى أن الساعي لو أخذها منه كرها لا يسقط الفرض عنه في الأموال الباطنة، بخلاف الظاهرة هو المفتى به، وإلى أنها لا تؤخذ من تركته لفقد النية إلا إذا أوصى فتعتبر من الثلث، وتمامه في البحر. زاد في الجوهرة: أو تبرع ورثته. قلت: ولعل وجهه أنهم قائمون مقامه فتكفي نيتهم فتأمل. (قوله مقارنة) هو الأصل كما في سائر العبادات، وإنما اكتفي بالنية عند العزل كما سيأتي لأن الدفع يتفرق فيتخرج باستحضار النية عند كل دفع فاكتفى بذلك للحرج بحر، والمراد مقارنتها للدفع إلى الفقير، وأما المقارنة للدفع إلى الوكيل فهي من الحكمية كما يأتي ط (قوله: والمال قائم في يد الفقير) بخلاف ما إذا نوى بعد هلاكه بحر. وظاهره أن المراد بقيامه في يد الفقير بقاؤه في ملكه لا اليد الحقيقية، وأن النية تجزيه مادام في ملك الفقير، ولو بعد أيام (قوله أو دفعها لذمي) نبه على الفرق بين الزكاة والحج لأن الزكاة عبادة مالية محضة، فتصح فيها إنابة الذمي وإن لم يكن من أهل النية لأن الشرط فيها نية الأمر، بخلاف الحج لأنه عبادة مركبة من المال والبدن فتشترط فيه أهلية المأمور للنية (قوله: لأن المعتبر نية الآمر) علة للمسألتين (قوله ولذا) أي لكون المعتبر نية الآمر (قوله لو قال) أي عند الدفع إلى الوكيل (قوله ثم نواه عن الزكاة) أي ولم يعلم الوكيل بذلك بل دفع إلى الفقير بنية التطوع أو الكفارة (قوله ضمن وكان متبرعا) لأنه ملكه بالخلط وصار مؤديا مال نفسه. قال في التتارخانية: إلا إذا وجد الإذن أو أجاز المالكان ا هـ. أي أجاز قبل الدفع إلى الفقير، لما في البحر: لو أدى زكاة غيره بغير أمره فبلغه فأجاز لم يجز لأنها وجدت نفاذا على المتصدق لأنها ملكه ولم يصر تائبا عن غيره فنفذت عليه ا هـ. لكن قد يقال: تجزي عن الآمر مطلقا لبقاء الإذن بالدفع. قال في البحر: ولو تصدق عنه بأمره جاز ويرجع بما دفع عند أبي يوسف. وعند محمد لا يرجع إلا بشرط الرجوع ا هـ. تأمل، ثم قال في التتارخانية أو وجدت دلالة الإذن بالخلط كما جرت العادة بالإذن من أرباب الحنطة بخلط ثمن الغلات؛ وكذلك المتولي إذا كان في يده أوقيات مختلفة وخلط غلاتها ضمن وكذلك السمسار إذا خلط الأثمان أو البياع إذا خلط الأمتعة يضمن. ا هـ. قال في التجنيس: ولا عرف في حق السماسرة والبياعين بخلط ثمن الغلات والأمتعة ا هـ. ويتصل بهذا العالم إذا سأل للفقراء شيئا وخلط يضمن. قلت: ومقتضاه أنه لو وجد العرف فلا ضمان لوجود الإذن حينئذ دلالة. والظاهر أنه لا بد من علم المالك بهذا العرف ليكون إذنا منه دلالة (قوله إذا وكله الفقراء) لأنه كلما قبض شيئا ملكوه وصار خالطا مالهم بعضه ببعض ووقع زكاة عن الدافع، لكن بشرط أن لا يبلغ المال الذي بيد الوكيل نصابا. فلو بلغه وعلم به الدافع لم يجزه إذا كان الآخذ وكيلا عن الفقير كما في البحر عن الظهيرية. قلت: وهذا إذا كان الفقير واحدا، فلو كانوا متعددين لا بد أن يبلغ لكل واحد نصابا لأن ما في يد الوكيل مشترك بينهم، فإذا كانوا ثلاثة، وما في يد الوكيل بلغ نصابين لم يصيروا أغنياء فتجزي الزكاة عن الدفع بعده إلى أن يبلغ ثلاثة أنصباء إلا إذا كان وكيلا عن كل واحد بانفراده، فحينئذ يعتبر لكل واحد نصابه على حدة، وليس له الخلط بلا إذنهم؛ فلو خلط أجزأ عن الدافعين وضمن للموكلين. وأما إذا لم يكن الآخذ وكيلا عنهم فتجزي، وإن بلغ المقبوض نصبا كثيرة لأنهم لم يملكوا شيئا مما في يده (قوله: لولده الفقير) وإذا كان ولدا صغيرا فلا بد من كونه فقيرا أيضا لأن الصغير يعد غنيا بغنى أبيه أفاده ط عن أبي السعود وهذا حيث لم يأمره بالدفع إلى معين؛ إذ لو خالف ففيه قولان حكاهما في القنية. وذكر في البحر أن القواعد تشهد للقول بأنه لا يضمن لقولهم: لو نذر التصدق على فلان له أن يتصدق على غيره. ا هـ. أقول: وفيه نظر لأن تعيين الزمان والمكان والدرهم والفقير غير معتبر في النذر لأن الداخل تحته ما هو قربة، وهو أصل التصدق دون التعيين فيبطل، وتلزم القربة كما صرحوا به، وهنا الوكيل إنما يستفيد التصرف من الموكل وقد أمره بالدفع إلى فلان فلا يملك الدفع إلى غيره كما لو أوصى لزيد بكذا ليس للوصي الدفع إلى غيره فتأمل. (قوله وزوجته) أي الفقيرة (قوله ولو تصدق إلخ) أي الوكيل بدفع الزكاة إذا أمسك دراهم الموكل ودفع من ماله ليرجع ببدلها في دراهم الموكل صح. بخلاف ما إذا أنفقها أولا على نفسه مثلا ثم دفع من ماله فهو متبرع، وعلى هذا التفصيل الوكيل بالإنفاق أو بقضاء الدين أو الشراء كما سيأتي إن شاء الله - تعالى - في الوكالة. وفيه إشارة إلى أنه لا يشترط الدفع من عين مال الزكاة، ولذا لو أمر غيره بالدفع عنه جاز كما قدمناه، لكن اختلف فيما إذا دفع من مال آخر خبيث. قال في البحر: وظاهر القنية ترجيح الإجزاء استدلالا بقولهم مسلم له خمر فوكل ذميا فباعها من ذمي فللمسلم صرف ثمنها عن زكاة ماله. [فرع] للوكيل بدفع الزكاة أن يوكل غيره بلا إذن بحر عن الخانية وسيأتي متنافي الوكالة (قوله بعزل ما وجب) في نسخة لعزل باللام، وهي أحسن ليوافق المعطوف عليه (قوله: ولا يخرج عن العهدة بالعزل) فلو ضاعت لا تسقط عنه الزكاة ولو مات كانت ميراثا عنه، بخلاف ما إذا ضاعت في يد الساعي لأن يده كيد الفقراء بحر عن المحيط (قوله أو تصدق بكله) بالرفع عطفا على قوله: نية، وأفاد به سقوط الزكاة، ولو نوى نفلا أو لم ينو أصلا لأن الواجب جزء منه، وإنما تشترط النية لدفع المزاحم فلما أدى الكل زالت المزاحمة بحر (قوله إلا إذا نوى إلخ) في التعبير بالتصديق إيماء إلى هذا الاستثناء كما في النهر (قوله فيصح) أي عما نوى (قوله: لا تسقط حصته) أي لا تسقط زكاة ما يتصدق به فتجب زكاته وزكاة الباقي (قوله: خلافا للثالث) أشار بذلك تبعا لمتن الملتقى إلى اعتماد قول أبي يوسف؛ ولذا قدمه قاضي خان وقد أخره في الهداية مع دليله، وعادته تأخير المختار عنده على عكس عادة قاضي خان وصاحب الملتقى فافهم. (قوله: وأطلقه) أي أطلق التصدق (قوله حتى إلخ) تفريع على شموله الدين ح وقيد بالفقير لأنه لو كان غنيا فوهبه بعد الحول ففيه روايتان أصحهما الضمان بحر عن المحيط أي ضمان زكاة ما وهبه لأنه استهلكه بعد الوجوب (قوله: صح، وسقط عنه) أي صح الإبراء وسقط عنه زكاته نوى الزكاة أو لا لما مر ولو أبرأه عن البعض سقط زكاته دون الباقي، ولو نوى به الأداء عن الباقي بحر (قوله واعلم إلخ) المراد بالدين ما كان ثابتا في الذمة من مال الزكاة وبالعين ما كان قائما في ملكه من نقود وعروض، والقسمة رباعية؛ لأن الزكاة إما أن تكون دينا أو عينا، والمال المزكى كذلك، لكن الدين إما أن يسقط بالزكاة أو يبقى مستحق القبض بعدها فتصير خمسة فيجوز الأداء في ثلاثة: الأولى أداء الدين عن دين سقط بها كما مثل من إبراء الفقير عن كل النصاب. الثانية أداء العين عن العين كنقد حاضر عن نقد أو عرض حاضر. الثالثة أداء العين عن الدين كنقد حاضر عن نصاب دين. وفي صورتين لا يجوز: الأولى أداء الدين عن العين كجعله ما في ذمة مديونه زكاة لماله الحاضر، بخلاف ما إذا أمر فقيرا بقبض دين له على آخر عن زكاة عين عنده فإنه يجوز لأنه عند قبض الفقير يصير عينا فكان عينا عن عين. الثانية أداء دين عن دين سيقبض كما تقدم عن البحر، وهو ما لو أبرأ الفقير عن بعض النصاب ناويا به الأداء عن الباقي وعلله بأن الباقي يصير عينا بالقبض فيصير مؤديا بالدين عن العين. ا هـ. ولذا أطلق الشارح الدين أولا عن التقييد بالسقوط، ولقوله بعده سيقبض (قوله وحيلة الجواز) أي فيما إذا كان له دين على معسر، وأراد أن يجعله زكاة عن عين عنده أو عن دين له على آخر سيقبض (قوله أن يعطي مديونه إلخ) قال في الأشباه وهو أفضل من غيره أي لأنه يصير وسيلة إلى براءة ذمة المديون (قوله لكونه ظفر بجنس حقه) نقل العلامة البيري في آخر شرح الأشباه أن الدراهم والدنانير جنس واحد في مسألة الظفر (قوله فإن مانعه إلخ) والحيلة إذا خاف ذلك ما في الأشباه، وهو أن يوكل المديون خادم الدائن بقبض الزكاة ثم بقضاء دينه، فبقبض الوكيل صار ملكا للموكل، ولا يسلم المال للوكيل إلا في غيبة المديون لاحتمال أن يعزله عن وكالة قضاء دينه حال القبض قبل الدفع. ا هـ. وفيها: إن كان للدائن شريك في الدين يخاف أن يشاركه في المقبوض، فالحيلة أن يتصدق الدائن بالدين ويهب المديون ما قبضه للدائن فلا مشاركة (قوله: ثم هو) أي الفقير يكفن والظاهر أن له أن يخالف أمره لأنه مقتضى صحة التملك كما سيأتي في باب المصرف بحثا (قوله: فيكون الثواب لهما) أي ثواب الزكاة للمزكي، وثواب التكفين للفقير. وقد يقال: إن ثواب التكفين يثبت للمزكي أيضا، لأن الدال على الخير كفاعله، وإن اختلف الثواب كما وكيفا ط. قلت: وأخرج السيوطي في الجامع الصغير «لو مرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدئ من غير أن ينقص من أجره شيء» (قوله وكذا) الإشارة إلى الحيلة (قوله وتمامه إلخ) هو ما قدمناه عن الأشباه (قوله وافتراضها عمري) قال في البدائع وعليه عامة المشايخ، ففي أي وقت أدى يكون مؤديا للواجب، ويتعين ذلك الوقت للوجوب، وإذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب، حتى لو لم يؤد حتى مات يأثم واستدل الجصاص له بمن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول والتمكن من الأداء أنه لا يضمن، ولو كانت على الفور يضمن كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته فإن عليه القضاء. (قوله وصححه الباقاني وغيره) نقل تصحيحه في التتارخانية أيضا (قوله أي واجب على الفور) هذا ساقط من بعض النسخ، وفيه ركاكة لأنه يئول إلى قولنا: افتراضها واجب على الفور مع أنها فريضة محكمة بالدلائل القطعية. وقد يقال: إن قوله افتراضها على تقدير مضاف أي افتراض أدائها، وهو من إضافة الصفة إلى موصوفها فيصير المعنى أداؤها المفترض واجب على الفور: أي أن أصل الأداء فرض، وكونه على الفور واجب، وهذا ما حققه في فتح القدير من أن المختار في الأصول أن مطلق الأمر لا يقتضي الفور ولا التراخي بل مجرد الطلب فيجوز للمكلف كل منهما لكن الأمر هنا معه قرينة الفور إلخ ما يأتي (قوله فيأثم بتأخيرها إلخ) ظاهره الإثم بالتأخير ولو قل كيوم أو يومين لأنهم فسروا الفور بأول أوقات الإمكان. وقد يقال المراد أن لا يؤخر إلى العام القابل لما في البدائع عن المنتقى بالنون إذا لم يؤد حتى مضى حولان فقد أساء وأثم ا هـ. فتأمل. (قوله: وهي) أي القرينة أنه أي الأمر بالصرف (قوله وهي معجلة) كذا عبارة الفتح. أي حاجة الفقير معجلة أي حاصلة (قوله: وتمامه في الفتح) حيث قال بعد ما مر: فتكون الزكاة فريضة وفوريتها واجبة فيلزم بتأخيره من غير ضرورة الإثم كما صرح به الكرخي والحاكم الشهيد في المنتقى؛ وهو عين ما ذكره الإمام أبو جعفر عن أبي حنيفة أنه يكره، فإن كراهة التحريم هي المحمل عند إطلاق اسمها، وقد ثبت عن أئمتنا الثلاثة وجوب فوريتها، وما نقله ابن شجاع عنهم من أنها علي التراخي فهو بالنظر إلى دليل الافتراض أي: دليل الافتراض لا يوجبها، وهو لا ينفي وجود دليل الإيجاب. وعلى هذا قولهم: إذا شك هل زكى أو لا يجب عليه أن يزكي لأن وقتها العمر، فالشك حينئذ كالشك في الصلاة في الوقت ا هـ. ملخصا. [تتمة] في الفتح أيضا: إذا أخر حتى مرض يؤدي سرا من الورثة، ولو لم يكن عنده مال فأراد أن يستقرض لأداء الزكاة إن كان أكبر رأيه أنه يقدر على قضائه فالأفضل الاستقراض وإلا فلا لأن خصومة صاحب الدين أشد. ا هـ. (قوله: أي عبد) خصه بالذكر ليناسب قوله فنوى خدمته، وأشار بقوله مثلا إلى أن العبد غير قيد، لكن الأولى أن يقول بعده فنوى استعماله ليعم مثل الثوب والدابة، ولا بد من تخصيصه بما تصح فيه نية التجارة ليخرج ما لو اشترى أرضا خراجية، أو عشرية ليتجر فيها فإنها لا تجب زكاة التجارة كما يأتي ونبه عليه في الفتح (قوله فنوى بعد ذلك خدمته) أي، وأن لا يبقى للتجارة لما في الخانية عبد التجارة: إذا أراد أن يستخدمه سنتين فاستخدمه فهو للتجارة على حاله إلا أن ينوي أن يخرجه من التجارة ويجعله للخدمة. ا هـ. (قوله: ما لم يبعه) أي أو يؤجره كما في النهر وغيره، وبدله من قسم الدين الوسط فيعتبر ما مضى أو يعتبر الحول بعد قبضه على الخلاف الآتي في بيان أقسام الديون (قوله بجنس ما فيه الزكاة) فلو دفعه لامرأته في مهرها أو دفعه بصلح عن قود أو دفعته لخلع زوجها لا زكاة لأن هذه الأشياء لم تكن جنس ما فيه الزكاة ط (قوله: والفرق) أي بين التجارة حيث لا تتحقق بالفعل وبين عدمها. بأن نواه للخدمة حيث تحقق بمجرد النية ط (قوله فيتم بها) لأن التروك كلها يكتفى فيها بالنية ط. ونظير ذلك المقيم والصائم والكافر والعلوفة السائمة، حيث لا يكون مسافرا ولا مفطرا ولا مسلما ولا سائمة ولا علوفة بمجرد النية وتثبت أضدادها بمجرد النية زيلعي، لكن صرح في النهاية والفتح بأن العلوفة لا تصير سائمة بمجرد النية بخلاف العكس. ووفق في البحر بحمل الأول على ما إذا نوى أن تكون السائمة علوفة، وهي باقية في المرعى إذ لا بد من العمل، وهو إخراجها من المرعى لا العلف، وحمل الثاني على ما إذا نوى بعد إخراجها منه (قوله: كان لها إلخ) لأن الشرط في التجارة مقارنتها لعقدها وهو كسب المال بالمال بعقد شراء أو إجارة أو استقراض حيث لا مانع على ما يأتي في الشرح مع بيان المحترزات؛ ثم إن نية التجارة قد تكون صريحا وقد تكون دلالة، فالأول ما ذكرنا، والثاني ما تقدم في الشرح عند قول المصنف أو نية التجارة (قوله لا ما ورثه) قال في النهر ويلحق بالإرث ما دخله من حبوب أرضه فنوى إمساكها للتجارة فلا تجب لو باعها بعد حول. ا هـ. (قوله أي ناويا) قال في النهر: يعني نوى وقت البيع مثلا أن يكون بدله للتجارة ولا تكفيه النية السابقة كما هو ظاهر ما في البحر. ا هـ. (قوله: فتجب الزكاة) أي إذا حال الحول على البدل ط. (قوله نواه أو لا) أي نوى السوم أو لا لأنها كانت سائمة فبقيت على ما كانت وإن لم ينو خانية (قوله: وما ملكه بصنعه إلخ) أي ما كان متوقفا على قبوله، وليس مبادلة مال بمال كهذه العقود إذا نوى عند العقد كونه للتجارة لا يصير لها على الأصح لأن الهبة والصدقة والوصية ليست بمبادلة أصلا، والمهر وبدل الخلع والصلح عن دم العمد مبادلة مال بغير مال كما في البدائع. قال في فتح القدير: والحاصل أن نية التجارة فيما يشتريه تصح بالإجماع، وفيما يرثه لا بالإجماع، وفيما يملكه بقبول عقد مما ذكر خلاف. ا هـ. (قوله أو نكاح أو خلع) أي لو تزوجها على عبد مثلا فنوت كونه للتجارة أو خالعته عليه فنوى كذلك (قوله: أو صلح عن قود) أي إذا نوى عند عقد الصلح التجارة بالبدل. وفي الخانية: لو كان عبدا للتجارة فقتله عبد عمدا فصولح من القصاص على القاتل لم يكن القاتل للتجارة لأنه بدل عن القصاص لا عن المقتول. ا هـ. (قوله: كان المدفوع للتجارة) أي بلا نية ح وذلك لأنه بدل عن المقتول، وقد كان المقتول للتجارة فكذا بدله فكان مبادلة مال بمال ومثله فيما يظهر لو اختار سيد الجاني الفداء بعرض لما قلنا، ولا ينافيه ما يأتي عن الأشباه فافهم (قوله: فإنه يكون لها) لأن حكم البدل حكم الأصل خانية وسيأتي تمام الكلام على استبدال مال التجارة في باب زكاة الغنم (قوله كما مر) أي في شرح قوله أو نية التجارة ح (قوله: والأصح أنه لا يكون لها) لأن التجارة كسب المال ببدل هو مال، والقبول اكتساب بغير بدل أصلا فلم تكن النية مقارنة عمل التجارة بدائع (قوله وفي أول الأشباه) أتى به تأييدا للأصح ط. (قوله والجواهر) كاللؤلؤ والياقوت والزمرد وأمثالها درر عن الكافي (قوله وإن ساوت ألفا) في نسخة ألوفا (قوله ما عدا الحجرين) هذا علم بالغلبة على الذهب والفضة ط وقوله: والسوائم بالنصب عطفا على الحجرين وما عدا ما ذكر كالجواهر والعقارات والمواشي العلوفة والعبيد والثياب والأمتعة ونحو ذلك من العروض (قوله: المؤدي إلى الثنى) هذا وصف في معنى العلة: أي لا زكاة فيما نواه للتجارة من نحو أرض عشرية أو خراجية لئلا يؤدي إلى تكرار الزكاة لأن العشر أو الخراج زكاة أيضا والثنى بكسر الثاء المثلثة وفتح النون في آخره ألف مقصورة: وهو أخذ الصدقة مرتين في عام كما في القاموس ومنه كما في المغرب قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ثنى في الصدقة» (قوله وشرط مقارنتها) بالجر عطفا على شرط الأول، ومن المقارنة ما ورثه ناويا لها ثم تصرف فيه ناويا أيضا لأن المعتبر هو النية المقارنة للتصرف بالبيع مثلا كما مر فيكون بدله الذي نوى به التجارة مقارنا لعقد الشراء فافهم. (قوله: أو إجارة) كأن أجر داره بعروض ناويا بها التجارة، ولو كانت الدار للتجارة يصير بدلها للتجارة بلا نية لوجود التجارة دلالة كما مر، وفيه خلاف قدمناه (قوله: أو استقراض) لأن القرض ينقلب معاوضة المال بالمال في العاقبة، وهذا قول بعض المشايخ وإليه أشار في الجامع أن من كان له مائتا درهم لا مال له غيرها فاستقرض من رجل قبل حولان الحول خمسة أقفزة لغير التجارة، ولم يستهلك الأقفزة حتى حال الحول لا زكاة عليه ويصرف الدين إلى مال الزكاة دون الجنس الذي ليس بمال الزكاة، فقوله لغير التجارة دليل أنه لو استقرض للتجارة يصير لها. وقال بعضهم: لا وإن نوى لأن القرض إعارة وهو تبرع لا تجارة بدائع. وعلى الأول مشى في البحر والنهر والمنح وتبعهم الشارح، لكن ذكر في الذخيرة عن شرح الجامع لشيخ الإسلام أن الأصح الثاني، وأن معنى قول محمد في الجامع لغير التجارة أنها كانت عند المقرض لغير التجارة، وفائدته أنها إذا ردت عليه عادت لغير التجارة وأنها لو كانت عنده للتجارة فردت عليه عادت للتجارة ا هـ. والظاهر أن الثاني مبني على قول أبي يوسف إن المستقرض لا يملك ما استقرضه إلا بالتصرف. وعندهما يملكه بالقبض، حتى لو كان قائما في يده فباعه من المقرض يصح عنده لا عندهما، ولو باعه من أجنبي يصح اتفاقا كما سيأتي تحريره في بابه إن شاء الله - تعالى، وعلى قولهما فالوجه للأول تأمل. لا يقال: يشكل الأول بأن المستقرض صار مديونا بنظير ما استقرضه، والمديون لا زكاة عليه بقدر دينه فما فائدة صحة نية التجارة فيه؟ لأنا نقول: فائدتها ضم قيمته إلى النصاب الذي معه لما سيأتي من أن قيمة عروض التجارة تضم إلى النقدين، فإذا كان له مائتا درهم فقط واستقرض خمسة أقفزة للتجارة قيمتها خمسة دراهم مثلا كان مديونا بقدرها وبقي له نصاب تام فيزكيه، بخلاف ما إذا لم تكن للتجارة فإنه لا زكاة عليه أصلا لأن الدين يصرف إلى مال الزكاة دون غيره كما مر فينقص نصاب الدراهم الذي معه فلا يزكيه ولا يزكي الأقفزة فافهم. (قوله: ولو نوى إلخ) محترز قوله: وشرط مقارنتها لعقد التجارة ح (قوله: كما لو نوى إلخ) خرج باشتراط عقد التجارة، وهذا ملحق بالميراث كما مر عن النهر فلا يصح تعليله باجتماع الحقين كما قدمناه فافهم (قوله: كما مر) قبيل قوله: وشرط صحة أدائها ح (قوله وكما لو شرى إلخ) محترز قوله بشرط عدم المانع إلخ (قوله: وزرعها) قيد للعشرية لتعلق العشر بالخارج، بخلاف الخراج إلا إذا كان خراج مقاسمة لا موظفا. ومفهومه أنه إذا لم يزرعها تجب زكاة التجارة فيها لعدم وجوب العشر فلم يوجد المانع، أما الخراجية فالمانع موجود، وهو الثنى، وإن عطلت (قوله لقيام المانع) وهو الثنى. ومفاد التعليل أنه لو زرع البذر في أرضه المملوكة تجب فيه الزكاة. ويخالفه ما في البحر حيث قال في باب زكاة المال: لو اشترى بذرا للتجارة وزرعه فإنه لا زكاة فيه وإنما فيه العشر لأن بذره في الأرض أبطل كونه للتجارة فكان ذلك كنية الخدمة في عبد التجارة بل أولى، ولو لم يزرعه تجب ا هـ. فإن مفاده سقوط الزكاة عن البذر بالزراعة مطلقا أفاده ط. [تنبيه] ما ذكره الشارح من عدم وجوب الزكاة في الأرض العشرية للتجارة، وإنما فيها العشر أو الخراج للمانع المذكور. قال في البدائع: هو الرواية المشهورة عن أصحابنا. وعن محمد أنه تجب الزكاة أيضا لأن زكاة التجارة تجب في الأرض والعشر يجب في الخارج وهما مختلفان، فلا يجتمع الحقان في مال واحد. ووجه ظاهر الرواية أن سبب الوجوب في الكل واحد لأنه يضاف إليها فيقال: عشر الأرض وخراجها وزكاتها والكل حق الله - تعالى وحقوقه - تعالى - المتعلقة بالأموال النامية لا يجب فيها حقان منها بسبب مال واحد كزكاة السائمة مع التجارة ا هـ. فافهم. بالإضافة أو بالتنوين على أنه مبتدأ وخبر، فهو لبيان حقيقتها وما بعده لبيان حكمها، ولذا لم يقدر مضافا أي صدقة السائمة. قال في النهر: وبدأ محمد في تفصيل أموال الزكاة بالسوائم اقتداء بكتبه عليه الصلاة والسلام، وكانت كذلك لأنها إلى العرب، وكان جل أموالهم السوائم، والإبل أنفسها عندهم فبدأ بها (قوله هي الراعية) أي لغة، يقال: سامت الماشية: رعت، وأسامها ربها إسامة كذا في المغرب؛ سميت بذلك لأنها تسم الأرض أي تعلمها، ومنه {شجر فيه تسيمون} وفي ضياء الحلوم: السائمة المال الراعي نهر (قوله وشرعا المكتفية بالرعي إلخ) أطلقها فشمل المتولدة من أهلي ووحشي، لكن بعد كون الأم أهلية كالمتولدة من شاة وظبي وبقر وحشي وأهلي فتجب الزكاة بها ويكمل بها النصاب عندنا خلافا للشافعي بدائع (قوله بالرعي) بفتح الراء مصدر وبكسرها الكلأ نفسه والمناسب الأول؛ إذ لو حمل الكلأ إليها في البيت لا تكون سائمة بحر قال في النهر: وأقول الكسر هو المتداول على الألسنة، ولا يلزم عليه أن تكون سائمة لو حمله إليها إلا لو أطلق الكلأ على المنفصل. ولقائل منعه، بل ظاهر قول المغرب الكلأ هو كل ما رعته الدواب من الرطب، واليابس يفيد اختصاصه بالقائم في معدنه، ولم تكن به سائمة؛ لأنه ملكه بالحوز فتدبر.ه. ا هـ. قلت: لكن في القاموس: الكلأ كجبل العشب رطبه ويابسه فلم يقيده بالمرعى (قوله ذكره الشمني) أي ذكر التقييد بالمباح. قال في البحر والنهر: ولا بد منه لأن الكلأ يشمل غير المباح ولا تكون سائمة به لكن قال المقدسي: وفيه نظر. قلت: لعل وجهه منع شموله لغير المباح، لحديث أحمد «المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار» فهو مباح ولو في أرض مملوكة كما سيأتي في فصل الشرب إن شاء الله - تعالى (قوله: ذكره الزيلعي) أي ذكر قوله لقصد الدر والنسل تبعا لصاحب النهاية (قوله: والسمن) عطف تفسير ط (قوله ليعم الذكور) لأن الدر والنسل لا يظهر فيها ط (قوله فقط) أي الذكور المحضة، وليس المراد أنه يعم الذكور ولا يعم غيرها. ا هـ. ح. وحاصله أنه قيد للذكور لا ليعم (قوله لكن في البدائع إلخ) استدراك على ما في المحيط من اعتبار السمن. والجواب أن مراد المحيط أن السمن لا لأجل اللحم بل لغرض آخر مثل أن لا تموت في الشتاء من البرد فلا تناقض بين كلامي البدائع والمحيط. ا هـ. ح أو يحمل على اختلاف الرواية أو المشايخ ط وبه جزم الرحمتي. أقول: عبارة البدائع هكذا: نصاب السائمة له صفات: منها كونه معدا للإسامة للدر والنسل لما ذكرنا أن مال الزكاة هو المال النامي، والمال النامي في الحيوان بالإسامة؛ إذ به يحصل النسل فيزداد المال، فإن أسيمت للحمل والركوب أو اللحم فلا زكاة فيها. ا هـ. فقد أفاد أن الزكاة منوطة بالإسامة لأجل النمو أي الزيادة فيشمل الإسامة لأجل السمن لأنه زيادة فيها، ثم تفريعه على ذلك بإخراج ما إذا أسيمت للحمل والركوب أو اللحم يعلم منه أنه لم يرد باللحم السمن، وإلا كان كلاما متناقضا لأن اللحم زيادة، ولا يتوهم أحد أن ذلك مبني على رواية أخرى لأنه في صدد كلام واحد، فتعين أن المراد باللحم الأكل أي إذا أسامها لأجل أن يأكل لحمها هو وأضيافه فهو كما لو أسامها للحمل والركوب؛ إذ لا بد من قصد الإسامة للزيادة والنمو، هذا ما ظهر لي. ثم رأيت في المعراج ما نصه: له غنم للتجارة نوى أن تكون للحم فذبح كل يوم شاة أو سائمة نواها للحمولة فهي للحم والحمولة عند محمد ا هـ. وفيه لف ونشر مرتب، والله - تعالى - أعلم (قوله كما لو أسامها للحمل والركوب) لأنها تصير كثياب البدن وعبيد الخدمة (قوله ولعلهم تركوا ذلك) أي ترك أصحاب المتون من تعريف السائمة ما زاده المصنف تبعا للزيلعي والمحيط لتصريحهم أي تصريح التاركين لذلك بالحكمين: أي بحكم ما نوى به التجارة من العروض الشاملة للحيوانات وبحكم المسامة للحمل والركوب، وهو وجوب زكاة التجارة في الأول، وعدمه في الثاني، فلا يرد على تعريفهم بأنها المكتفية بالرعي في أكثر العام أنه تعريف بالأعم، أفاده في البحر. وحاصله أن القيدين المذكورين في الزيلعي والمحيط ملحوظان في التعريف المذكور بقرينة التصريح المزبور، فلا يكون تعريفا بالأعم، على أن التعريف بالأعم إنما لا يصح على رأي المتأخرين من علماء الميزان، وإلا فالمتقدمون وأهل اللغة على جوازه، وبه اندفع قول النهر: إن هذا غير دافع؛ إذ التعريف بالأعم لا يصح ولا ينفع فيه ذكر الحكمين بعده ا هـ. تأمل (قوله: للشك في الموجب) بكسر الجيم وهو كونها سائمة، فإنه شرط لكونها سببا للوجوب. قال في فتح القدير: العلف اليسير لا يزول به اسم السوم المستلزم للحكم، وإذا كان مقابله كثيرا بالنسبة كان هو يسيرا، والنصف ليس بالنسبة إلى النصف كثيرا ولأنه يقع الشك في ثبوت سبب الإيجاب فافهم (قوله: مختلفان قدرا وسببا) لأن القدر في التجارة ربع العشر، وفي السوائم ما يأتي بيانه والسبب فيهما هو المال النامي، لكن بشرط نية التجارة في الأول ونية الإسامة للدر والنسل في الثاني، فالاختلاف في الحقيقة في القدر والشرط، لكن لما كانت السببية لا تتم إلا بشرطها جعله من الاختلاف في السبب فافهم (قوله فلو اشترى) تفريع على البطلان قوله كما لو باع السائمة) قيد بها لأن عروض التجارة إذا استبدلت لا ينقطع الحول. قلت: ومثل العروض الدراهم والدنانير عندنا خلافا للشافعي فلا زكاة على الصيرفي في قياس قوله كما في البدائع (قوله في وسط الحول) بسكون السين وهو أفيد لأنه اسم لجزء مبهم بين طرفي الشيء، بخلاف محركها فإنه اسم لجزء تساوى بعده عن طرفي الشيء فيكون جزءا معينا من الحول وليس بمراد ا هـ. ح (قوله أو قبله) أي قبل الحول على تقدير مضاف: أي قبل انتهائه بيوم، والمراد به مطلق الزمان ولو ساعة، وهو من عطف الخاص على العام فإنه قد يكون بأو كما في الحديث: «ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها» وفائدته مع أنه داخل في الوسط التنبيه على بطلان الحول بالبيع، وإن مضى معظمه، ودفع توهم أن المراد بالوسط الجزء المعين فافهم (قوله: ولا نقد عنده) أما لو كان عنده نقد نصابا فإنه يضم إليه ويزكيه معه بلا استقبال حول؛ وكان الأولى أن يقول: ولا نصاب عنده ليشمل ما إذا باعها بجنسها أو بغيره؛ ففي الجوهرة: ولو باع الماشية قبل الحول بدراهم أو بماشية ضم الثمن إلى جنسه بالإجماع: أي يضم الدراهم إلى الدراهم والماشية إلى الماشية (قوله المسبلة) أي المجعولة ليغازى عليها في سبيل الله - تعالى - بوقف أو وصية وهذا التفصيل عند الإمام أما عندهما فلا يجب شيء في الخيل مطلقا ط بزيادة (قوله ولا في المواشي العمي) نقل في الظهيرية في العمى روايتين. وعندهما تجب، كما لو كان فيها عمى نهر وجزم في البحر في الباب الآتي بالوجوب فيها، والذي يظهر أنه إن تحقق فيها السوم وجبت وإلا فلا بدليل التعليل، والله أعلم. ونصاب مبتدأ وخمس خبره، والذي في المنح نصاب الإبل بغير باب ط (قوله نصاب الإبل) أطلقه فشمل الذكور والإناث ولو أبوه وحشيا بعد أن كانت الأم أهلية، وشمل الصغار بشرط أن لا تكون كلها كذلك لما سيصرح به. فالصغار تبع للكبار، وشمل الأعمى والمريض والأعرج لكن لا يؤخذ في الصدقة، وشمل السمان والعجاف لكن تجب شاة بقدر العجاف وبيانه في البحر (قوله مؤنثة) قال في ذيل المغرب: كل جمع مؤنث إلا ما صح بالواو والنون فيمن يعلم، تقول: جاء الرجال والنساء وجاءت الرجال والنساء، وأسماء الجموع مؤنثة نحو الإبل والذود والخيل والغنم والوحش والعرب والعجم، وكذا كل ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء أو ياء النسب كتمر ونخل ورومي وروم وبختي وبخت ا هـ. فافهم (قوله بفتح الباء) كقولهم في النسبة إلى سلمة: أي بكسر اللام سلمى بالفتح لتوالي الكسرات مع الياء بحر (قوله لأنها تبول على أفخاذها) فيه إشارة إلى أن بينهما اشتقاقا أكبر، وهو اشتراك الكلمتين في أكثر الحروف مع التناسب في المعنى كما هنا، فإن الإبل مهموز وبال أجوف ح (قوله بخت) بالجر بدل من قوله إلى خمس وعشرين والأولى نصبه على التمييز ط وهو كذلك في بعض النسخ (قوله بختنصر) بضم الباء وسكون الخاء المعجمة وفتح التاء المثناة فوق والنون والصاد المهملة المشددة في آخره راء: علم مركب تركيب مزج على ملك ح. وفي القاموس: بختنصر بالتشديد، أصله بوخت ومعناه ابن ونصر كبقم صنم؛ وكان وجد عند الصنم ولم يعرف له أب فنسب إليه، خرب القدس. ا هـ. (قوله أو عراب) جمع عربي للبهائم وللأناسي عرب، ففرقوا بينهما في الجمع بحر (قوله: شاة) ذكرا كان أو أثنى بحر. وفي الشرنبلالية عن الجوهرة قال الخجندي: لا يجوز في الزكاة إلا الثني من الغنم فصاعدا، وهو ما أتى عليه حول. ولا يؤخذ الجذع: وهو الذي أتى عليه ستة أشهر وإن كان يجزئ في الأضحية. ا هـ. (قوله عفو) مصدر بمعنى اسم المفعول: أي عفا الشارع عنه فلم يوجب فيه شيئا ط (قوله: بنت مخاض) قيد بها لأنها لا يجوز دفع الذكور فيها إلا بطريق القيمة كما يأتي؛ والواجب في المأخوذ الوسط كما سيجيء في باب الغنم (قوله سميت به إلخ) قال في المغرب: مخضت الحامل مخضا ومخاضا أخذها وجع الولادة، ومنه {فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة} والمخاض أيضا النوق الحوامل الواحدة خلفة، ويقال لولدها إذا استكمل سنة ودخل في الثانية ابن مخاض لأن أمه لحقت بالمخاض من النوق ا هـ. ومثله في القاموس فافهم (قوله غالبا) لأنها قد لا تحمل، وأشار إلى أن المراد ببنت مخاض وكذا بنت لبون السن لا أن تكون مخاضا أو لبونا فهو مخرج مخرج العادة لا مخرج الشرط كما في البحر عن الزيلعي في فصل محرمات النكاح، وهذا مع ما مر عن المغرب يدل على أن هذا معنى لغوي أيضا لا شرعي فقط كما فهمه في البحر من عبارة الزيلعي المذكورة فافهم (قوله وهي التي طعنت في الثالثة) أي ولو بزمن يسير كيوم فلا يخالف ما في القهستاني من أنها التي أتى عليها سنتان أفاده ط (قوله: لأخرى) أي لبنت أخرى ط (قوله وحق ركوبها) بيان لعلة التسمية كما في القاموس (قوله: كذا كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم) كتب مبتدأ مضاف وكذا خبره وأبي بكر عطف على المضاف إليه ح. وفي عامة النسخ إلى أبي بكر: أي الواصلة إليه؛ ففي الفتح عن رواية الزهري: «أنه صلى الله عليه وسلم قد كتب الصدقة، ولم يخرجها إلا عماله حتى توفي فأخرجها أبو بكر من بعده فعمل بها حتى قبض، ثم أخرجها عمر فعمل بها إلخ» قلت: وإنما ذكر الشارح هذه الجملة هنا ولم يؤخرها إلى آخر الكلام لوقوع الخلاف لاختلاف الروايات فيما بعد المائة والخمسين كما أشار إليه بقوله الآتي عندنا، أما ما دونها فلا خلاف فيه، إلا ما ورد عن علي أنه قال: في خمس وعشرين من الإبل خمس شياه، وتمامه في الزيلعي (قوله: عندنا) وقال الشافعي وأحمد: إذا زادت على مائة وعشرين واحدة ففيها ثلاث بنات لبون إلا مائة وثلاثين ففيها حقة وبنتا لبون ثم في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة. وعن مالك قولان: أحدهما كمذهبنا، والآخر كمذهب الشافعي إسماعيل (قوله ثم في كل مائة وخمس وأربعين) الأصوب إسقاط كل ليوافق ما في المنح والدرر وغيرهما ولإيهامه أنه إن تكرر هذا العدد مرتين تكرر هذا الواجب مرتين وإن تكرر ثلاثا فثلاث وليس ذلك بمراد. والأصوب أيضا العطف بالواو بدل ثم لأن هذا ليس استئنافا آخر بل هو من جملة الاستئناف الذي قبله (قوله بنت مخاض وحقتان) فالحقتان في المائة والعشرين وبنت مخاض في الخمسة والعشرين الزائدة عليها (قوله ثم في كل مائة وخمسين) الأصوب إسقاط كل لما مر، وعطفه بثم لا بالواو، لأن مقتضى الاستئناف فيما بعد المائة والعشرين أن يجب في ست وثلاثين بعدها بنت لبون مع الحقتين، لكن ليس في هذا الاستئناف بنت لبون بخلاف الاستئنافين اللذين بعده (قوله ثم في كل خمس وعشرين) أي بعد المائة والخمسين، والأصوب أيضا إسقاط كل والعطف فيه وفيما بعده بالواو بدل ثم لما مر (قوله أربع حقاق) منها ثلاث وجبت في المائة والخمسين والرابعة وجبت في الست والأربعين الزائدة عليها، وإلى هنا انتهى حكم الاستئناف الثاني فلا تجب فيه جذعة (قوله إلى مائتين) وهو في المائتين بالخيار، إن شاء دفع أربع حقاق من كل خمسين حقة أو خمس بنات لبون من كل أربعين بنت لبون كما في المحيط والمبسوط والخانية إسماعيل (قوله كما تستأنف في الخمسين التي بعد المائة والخمسين) قيد به احترازا عن الاستئناف الأول يعني الذي بعد المائة والعشرين؛ إذ ليس فيه إيجاب بنت لبون كما قدمناه ولا إيجاب أربع حقاق لعدم نصابهما لأنه لما زاد خمس وعشرون على المائة والعشرين صار كل النصاب مائة وخمسة وأربعين فهو نصاب بنت المخاض مع الحقتين، فلما زاد عليها خمس وصار مائة وخمسين وجب ثلاث حقاق درر (قوله: حتى يجب في كل خمسين حقة) كذا في صدر الشريعة والدرر، والمراد في كل ست وأربعين إلى الخمسين كما عبر به في النقاية. قال في البحر: فإذا زاد على المائتين خمس شياه مع الأربع حقاق أو الخمس بنات لبون، وفي عشر شاتان معها، وفي خمس عشرة ثلاث شياه معها، وفي عشرين أربع معها، فإذا بلغت مائتين وخمسا وعشرين ففيها بنت مخاض معها إلى ست وثلاثين، فبنت لبون معها إلى ست وأربعين ومائتين ففيها خمس حقاق إلى مائتين وخمسين، ثم تستأنف كذلك؛ ففي مائتين وست وتسعين ست حقاق إلى ثلاثمائة، وهكذا. ا هـ. (قوله للإناث) نعت للقيمة: أي القيمة الكائنة للإناث ح (قوله فإن المالك مخير) لعدم فضل الأنوثة فيهما على الذكورة ط.
|